ناقوس الخطر..ارتفاع وتيرة هجرة رواد الأعمال المصريين للخليج

هجرة رواد الأعمال
هجرة رواد الأعمال

هجرة رواد الأعمال أزمة جديدة تلوح في أفق ريادة الأعمال، بسبب تحديات خلقها نقص الدولار وضوابط البنك المركزي حول استخدام بطاقات الدفع.

وقال خبراء ومتخصصين بقطاع ريادة الأعمال والشركات الناشئة، إن مدينتي الرياض ودبي أصبحت وجهة لرواد الأعمال المصريين، فبدلا من التوسع بتلك الأسواق أصبح مؤسسي الشركات الناشئة المصريين ينتقلون بشركاتهم لهذه الأسواق لاتخاذها مقر رئيسي لنشاطهم.

الأمر ليس بجديد، إلا أن وتيرة هجرة رواد الأعمال للسوقين السعودي والإماراتي زادت بشكل واضح خلال الفترة الأخيرة، وهو الأمر الذي قد يفقد مصر داعم اقتصادي هام للنمو.

قال أمير شريف الشريك في صندوق “خوارزمي” للاستثمار في الشركات الناشئة والرئيس التنفيذي السابق لمجموعة بشرسوفت المالكة لمنصتي “وظف – فرصنا” ، إن هجرة رواد الأعمال لدبي مستمرة منذ عدة سنوات سواء للمطورين أو رواد الأعمال، ولكن زادت وتيرة الهجرة خلال الأشهر القليلة الماضية وشملت أيضا الرياض كوجهة وليست دبي فقط.

زيادة وتيرة هجرة رواد الأعمال

وأضاف، أن دبي على سبيل المثال تقوم بالاستعانة بشركات استشارات عالمية ومجالس استشارية من رواد الأعمال والمستثمرين لتهيئة السوق بشكل مناسب لرواد الأعمال، ويقوم المسئولين عن دعم نشاط ريادة الأعمال والشركات الناشئة هناك بالتواصل مع رواد الأعمال في مصر وتحديد مواعيد لقاءات معهم أونلاين لشرح المحفزات والمميزات التي تقدمها لهم دبي، وكذلك الاستماع لوجهة نظرهم حول احتياجاتهم لبيئة العمل الأمر الذي يشجع رواد الأعمال على التوجه الى دبي.

اوضح ان السعودية لديها رؤية لاستقطاب شركات التكنولوجيا وبدأت العمل على ذلك منذ أكثر من 3 سنوات، وساهم في تنفيذ هذه الرؤية تغير نمط الحياة في السعودية، وهو الأمر الذي ساهم في تحول الرياض لوجهة لرواد الأعمال بالمنطقة، بالاضافة الى ان السوق السعودي واحد من أكبر أسواق المنطقة من حيث عدد السكان وكذلك من حيث القوة الشرائية.

أمر أخر بحسب شريف ساهم في توجه رواد الأعمال للسعودية مؤخرا، وهو أن تركز الاستمارات المتعلقة بريادة الأعمال في السعودية، وهو ما يمنح الشركات الناشئة فرصة أكبر للحصول على تمويل من خلال التوسع و الانتقال إلى السوق السعودي.

استثمارات الشركات المصرية في خطر

ويقول شريف، إن الشركات الناشئة المصرية جمعت استثمارات تقدر بنحو نصف مليار دولار العام الماضي، ونحو 80% من هذه الاستثمارات جاءت من الخارج، وهذه الاستثمارات تأثرت العام الجاري بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، بينما السوق السعودي تعتمد الشركات الناشئة به على استثمارات محلية، وهو الأمر الذي ساهم في تأثرهم الطفيف بالأوضاع الاقتصادية العالمية، ولذلك فرص الشركات هناك أفضل في جذب تمويلات جديدة.

وقال إن أزمة الدولار الحالية ساهمت في اتجاه أصحاب الأعمال الناشئة للتوجه نحو الرياض أو دبي، بسبب بيع خدماتهم بالجنيه وضعف القوة الشرائية لعملائهم بالسوق المصري، مع تزايد الأعباء المالية على هذه الشركات بسبب رفع أجور الموظفين لتتواءم مع معدلات التضخم، وزيادة نفقاتهم المالية الخاصة بالتسويق الرقمي، بسبب ارتفاع سعر الدولار.

يرى شريف أن عدم التحرك سريعا للحفاظ على شركات التكنولوجيا الناشئة بمصر، سيفقد مصر مصدر وداعم مهم للاقتصاد المصري، فاكبر شركات العالم حاليا هي الشركات التكنولوجيا. 

اضاف، أن الشركات الناشئة المصرية يمكنها جذب استثمارات تصل لمليارات الدولارات سنويا وفقا لدراسات متعددة تمت في العام الماضي.

ونوه شريف إلى أهمية وجود كيان وطني موحد على أعلى مستوى لتنسيق الاستراتيجيات بين الوزارات والهيئات المختلفة فيما يخص ريادة الأعمال والاستثمار في الشركات التكنولوجية والابتكار، حيث أن شركات كثيرة تواجه تحديات بسبب تضارب القوانين والاستراتيجيات والإجراءات البيروقراطية من جهات مختلفة تجعل نمو هذه الشركات أكثر صعوبة وتجعل نقل الشركات لمقراتها أمر حتمي يضر بالاقتصاد وسوق العمل. 

ويجب مشاركة ممثلين من القطاع الخاص وريادة الأعمال والاستثمار في مثل هذه الكيانات على غرار ما يحدث في الدول التي نجحت في جذب الشركات والمواهب في مجال التكنولوجيا لأسواقهم. 

ومن أهم التحديات المستجدة والتي زادت الأمور تعقيدا هي صعوبة دفع الشركات التزاماتها مع الشركات الدولية بسبب القيود على استخدام الكروت البنكية للمعاملات الدولية. وذلك يهدد الكثير من الشركات في آخر شهرين، مما قد يدفع شركات كثيرة لتأسيس شركات وحسابات بنوك خارج مصر لتجنب التعقيدات الحالية بحسب شريف.

وتابع قائلا “ولكن ذلك من أثره تقليل دخل الشركات بالعملة الصعبة إلى مصر وهو أثر عكسي تماما للإجراءات البنكية الحالية مع هذه الشركات”.

كيان وطني موحد قد يمنع هجرة رواد الأعمال

وطالب بضرورة إجراء تدخل عاجل لحل هذه الأزمة بتسهيل إجراءات هذه الشركات لدفع التزاماتها الدولية بأسرع شكل تفاديا لأضرار كبيرة على مئات الشركات الناشئة تهدد سوق الشركات الناشئة في مصر ونموه وبالتالي فقد فرص استثمارية بمليارات الدولارات لصالح اقتصاد مصر في السنوات المقبلة.

من جانبه قال عمر المنير الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة سيجما فيت لتكنولوجيا الملابس، إن الأوضاع الاقتصادية في مصر أصبحت صعبة وتمثل ضغوطا كبيرة على رواد الأعمال والشركات الناشئة.

ويرى أن تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار واحدة من أسباب خروج رواد الأعمال لأسواق أخرى مثل دبي والرياض، بسبب اعتمادهم على بيع خدماتهم ومنتجاتهم في مصر بالجنية.

يرى أيضا المنير توجه أنظار المستثمرين نحو السوق السعودي يعد تحديا آخر نتج عنه نقص التمويل الموجه للشركات بالسوق المصري، الأمر الذي يزيد من الضغوط التي تدفع رواد الأعمال للتوجه لأسواق أخرى.

سبب أخر من وجهة نظر المنير يدفع الشركات الناشئة للخروج من مصر وهو صعوبة دفع الشركات الناشئة لمتطلباتها بالدولار بسبب قيود استخدام بطاقات الدفع عبر الإنترنت، كذلك عدم وجود مرونة كافية لإدخال الخامات للشركات المصنعة.

اشار الى انه خلال تحرير سعر الصرف في 2016 حدثت موجة من الهجرة لرواد الأعمال لأوروبا والخليج، وهو الأمر الذي يتكرر مرة أخرى الأن، وهو ما يفقد مصر داعم رئيسي من دعائم نمو الاقتصاد الوطني.